27 - 09 - 2025

ضوء | غزة كرامتنا وعارنا

ضوء | غزة كرامتنا وعارنا

كتبت كلماتي هذه قبل عشر سنوات، وبالتحديد في ٢٠١٥، وكانت بعد مرور عشر سنوات على حصار غزة، وقد أصبحت الآن عشرين عاماً.

وما أشبه الليلة بالبارحة.

عار على العالم أجمع وعار على الإنسانية جمعاء ما يحدث في غزة.

نرى شعباً تًمارس عليه سياسة التجويع والقتل الممنهج والمنظم، كل الشعب يعيش تحت خط الفقر، لا ماء لا طعام لا كهرباء لا وقود، والقتل الممنهج، عبر الهجمات العسكرية الشرسة اليومية، بطائراتهم وقنابلهم وصواريخهم المتوحشة، والتي تفتك بالصغير قبل الكبير.

لماذا؟ من أجل تحقيق أهداف واضحة، وأهمها استكمال خارطة الشرق الأوسط الجديد الذي يتسيّد فيه الصهاينة على الأرض والعالم، لتحقيق اسرائيل الكبرى، وليصبح الكيان الصهيوني ومن خلفه  أمريكا هم القوة الأعظم في العالم، ولفرض التطبيع على كافة الدول العربية، وتصفية الشعب والدولة الفلسطينية.

ولا يهمهم من أجل تنفيذ مخططاتهم أن يموت آلاف الأبرياء من الأطفال والنساء والشباب، ويتعمدون قصف المدارس والمستشفيات، ولا يهمّ أن تنزل القنابل على رؤوس المصلين وهم راكعين في المساجد لله وحده، لا يهمّ أن تًدمر مباني الأونروا، ولا يهمّ أن تُباد غزة عن بكرة أبيها، ولا يهمّ استهداف الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف، لا يهمّ قتل الصحافيين، فكل هذه الجرائم يقترفها الصهاينة بدم بارد.

فهل يستطيع هذا الكيان ومن خلفه أمريكا تحقيق أهدافه؟

الكيان الصهيوني هو آخر احتلال على وجه البسيطة، وحتماً هو زائل، مثلما زالت عشرات الكيانات الاستعمارية من قبله.

لكن في هذه اللحظات التاريخية تظهر المواقف البطولية الشجاعة، وتظهر معادن الدول والبشر.

فأما أن نكون مع الحق أو نقيضه، ولا حياد.

ففي الوقت الذي يساوي البعض بين الجلاد والضحية، تظهر المواقف الإنسانية من الدول والشعوب الحرة.

شكراً إسبانيا، شكراً كولومبيا، شكراً جنوب أفريقيا، شكراً لكل دولة وقفت مع الحق الفلسطيني، شكراً لكل شعب وقف ضد الباطل.

والقيادة الفلسطينية تدرك جيداً أنها المستهدفة، قبل حماس والجهاد، منّ هذا القتل والتجويع والحصار الجماعي في غزة والضفة.

علينا أن نفرّق بين الموقف الأيديولوجي والموقف المبدئي، إن الوقوف مع غزة ليس وقوفاً مع فكر نتفق معه أو نختلف عليه، بل هو واجب تقتضيه المصلحة الإستراتيجية للأمة العربية جمعاء، ومع ما يمليه علينا الضمير الإنساني، وفقط أعمى القلب والبصيرة يرى عكس ذلك.

شكراً للملكة العربية السعودية التي أخذت على عاتقها مسؤولية جسيمة، وأثبتت أن وحدة الموقف العربي والإسلامي يثمر نتائج إيجابية ويغيّر المعادلات، فكلما اجتمعت الأمة إستطاعت فرض إرادتها ومصالحها.

ومن المخجل لنا أن نرى موقف دول مثل فنزويلا وإسبانيا والدول الإسكندنافيّة وأمريكا اللاتينية المشرّفة تجاه فلسطين، ونحن عاجزون عن إلغاء التطبيع وطرد السفراء الصهاينة وإلغاء الإتفاقيات الأمنية والتجارية المشينة مع هذا الكيان الصهيوني الإرهابي الهمجي المتوحش.

من المخجل أن نرى كل الفنانين والممثلين واللاعبين الأجانب في العالم يتضامنون مع فلسطين، ولا نرى فناناً ولا ممثلاً أو لاعباً عربياً، يعبر عن موقف إنساني نبيل تجاه الحق الفلسطيني.

نحيي أسطول الصمود من كل دول العالم، ومناضليه الذين يتحملون الشدائد، وعبور أمواج البحر الهادرة، من أجل إعلاء كلمة الحق.

ونشكر خاصة كل اليهود الشرفاء المتضامنين مع شعبنا الفلسطيني الأبي الصامد.

يستطيع كل إنسان أن يعبر عن موقفه، في كل موقع، وبكل الوسائل والأشكال، للتضامن مع الحق الفلسطيني، فلا حياد بين الحق والباطل،

أوقفوا الإبادة الجماعية. أوقفوا الحرب الصهيونية الإرهابية على شعبنا الفلسطيني.

لا للتهجير.

لا لضم غزة والضفة.

لا للمستوطنات الصهيونية.

ونعم للدولة الفلسطينية التي تم إقرارها قبل أكثر من ثلاثين عامًا، ومازالت حلمًا سيتحقق بالعمل المشترك الدؤوب.

نعم للدولة التي تكفل الكرامة والحرية والعيش بأمان وسلام لكل الشعب الفلسطيني.

والنصر حليف الحق والعدل دوماً.
----------------------------
بقلم:
 د. أنيسة فخرو
سفيرة السلام والنوايا الحسنة
المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام


مقالات اخرى للكاتب

ضوء | غزة كرامتنا وعارنا